responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 109
الْأَنْعَامِ [139] سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ.
[148]

[سُورَة الْأَعْرَاف (7) : آيَة 148]
وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ (148)
عُطِفَ عَلَى جُمْلَةِ: وَواعَدْنا مُوسى [الْأَعْرَاف: 142] عَطْفَ قِصَّةٍ عَلَى قِصَّةٍ، فَذُكِرَ فِيمَا تَقَدَّمَ قِصَّةُ الْمُنَاجَاةِ، وَمَا حَصَلَ فِيهَا مِنَ الْآيَاتِ وَالْعِبَرِ، وَذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَا كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى، فِي مُدَّةِ مَغِيبِهِ فِي الْمُنَاجَاةِ، مِنَ الْإِشْرَاكِ.
فَقَوْلُهُ: مِنْ بَعْدِهِ أَيْ مِنْ بَعْدِ مَغِيبِهِ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا [الْأَعْرَاف: 143] وَمِنْ قَوْلِهِ: وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي [الْأَعْرَاف:
142] .
وَحَذْفُ الْمُضَافِ مَعَ «بَعْدِ» الْمُضَافَةِ إِلَى اسْمِ الْمُتَحَدَّثِ عَنْهُ شَائِعٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَظِيرِهَا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ.
وَ (مِنْ) فِي مِثْلِهِ لِلِابْتِدَاءِ، وَهُوَ أَصْلُ مَعَانِي (مِنْ) وَأَمَّا (مِنْ) فِي قَوْلِهِ: مِنْ حُلِيِّهِمْ فَهِيَ لِلتَّبْعِيضِ.
وَالْحُلِيُّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ، جَمْعُ حَلْيٍ، بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ، وَوَزْنُ هَذَا الْجَمْعِ فُعُولٌ كَمَا جُمِعَ ثُدِيُّ، وَيَجْمَعُ أَيْضًا عَلَى
حِلِيٍّ، بِكَسْرِ الْحَاءِ مَعَ اللَّامِ، مِثْلَ عِصِيٍّ وَقِسِيٍّ اتْبَاعًا لِحَرَكَةِ الْعَيْنِ، وَبِالْأَوَّلِ قَرَأَ جُمْهُورُ الْعَشَرَةِ، وَبِالثَّانِي حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَقَرَأَ يَعْقُوبُ حَلْيِهِمْ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ عَلَى صِيغَةِ الْإِفْرَادِ، أَيِ اتَّخَذُوا مِنْ مَصُوغِهِمْ وَفِي التَّوْرَاةِ أَنَّهُمُ اتَّخَذُوهُ مِنْ ذَهَبٍ، نَزَعُوا أَقْرَاطَ الذَّهَبِ الَّتِي فِي آذَانِ نِسَائِهِمْ وَبَنَاتِهِمْ وَبَنِيهِمْ.
وَالْعِجْلُ وَلَدُ الْبَقَرَةِ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ ثَوْرًا، وَذُكِرَ فِي سُورَةِ طه أَنَّ صَانِعَ الْعِجْلِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ السَّامِرِيُّ، وَفِي التَّوْرَاةِ أَنَّ صَانِعَهُ هُوَ هَارُونُ، وَهَذَا مِنْ تَحْرِيفِ الْكَلِمِ عَنْ مَوَاضِعِهِ الْوَاقِعِ فِي التَّوْرَاةِ بَعْدَ مُوسَى، وَلَمْ يَكُنْ هَارُونُ صَائِغًا، وَنُسِبَ الِاتِّخَاذُ إِلَى قَوْمِ مُوسَى كُلِّهِمْ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ، لِأَنَّهُمُ الْآمِرُونَ بِاتِّخَاذِهِ وَالْحَرِيصُونَ عَلَيْهِ، وَهَذَا مَجَازٌ شَائِعٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ.
وَمَعْنَى اتَّخَذُوا عِجْلًا صُورَةَ عِجْلٍ، وَهَذَا مِنْ مَجَازِ الصُّورَةِ، وَهُوَ شَائِعٌ فِي الْكَلَامِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 9  صفحه : 109
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست